أَتَتْ ليلى لوالِدها وفي أحداقِها أَلَمُ
وفي أحشائِها نَارٌ مِنَ الأشواقِ تضطَّرمُ
وقد غامَتْ بعينيها طُيوفٌ هزَّها سَقمُ
وقد نامَ البهيج أسىً فلا صوتٌ ولا نغمُ
أتتْ ليلى لوالِدها وقد أَهوى بهِ الهَرَمُ
وقالتْ وهيَ مِن لهفٍ بها الآلامُ تحتدمُ
لماذا نحنُ يا أبتي لماذا نحنُ أغرابُ
أليسَ لنا بهذا الكون أصحابٌ وأحبابُ
أليسَ لنا أخلاَّءُ أليس لنا أحبَّاءُ
لماذا نحنُ يا أبتي لماذا نحنُ أغرابُ؟!
أليستْ أرضَنا الخضراء ذاتُ المنهلِ العذبِ
وذاتُ الحُلُمِ الحُلوِ الذي أشرقَ بالحُبِّ
لماذا نحنُ لا نزرعُ أحراراً بأيدينا
لماذا... لماذا
ونأكُلُ خيرَ مَوطننا ونُعطيهِ ويُعطينا
لماذا... لماذا
لماذا نحن لا نسقيهِ مِن جهدٍ ويسقينا
لماذا نحنُ يا أبتي لماذا نحنُ أغرابُ؟!
سألتكُ أمسِ عن أُمِّي التي ذهبتْ... ولم ترجِعْ
سألتُ وخافقي يشكو سألتُ ومُقلتي تَدمعْ
وأنتَ مُغلغلٌ في الصمت لا تحكي ولا تسمع
ويُمعنُ يا أبي صمتُك ولا ينقذني صوتُك
فأصرخُ... يا أبي قُلْ لي لماذا نحنُ أغرابُ؟
سألتُكَ منذُ أيَّامٍ سألتكُ عن أخي أحمد
وكِدْتَ تُزيحُ عن عينيَّ ذاكَ الخاطرَ الأسود
وكِدتَ تقول لي قد ماتَ يا ليلى.. قد استُشهدْ
ولكنكَ لم تفعل لماذا أنتَ لم تفعل
لماذا نحنُ يا أبتي لماذا نحنُ أغرابُ؟
أتذكُرُ يا أبي سلوى لقد أبصرتُها أمسِ
تَلِجُّ شريدةً في الدَّرب في حُزنٍ وفي بُؤسِ
لقد بدَّلها السُّقمُ معَ الأيام يا أبتي
فهذي غَيرُها لا شك هذي غيرُ صاحبتي
عيونٌ فيضُها ألمُ وجسمٌ كُلهُ سَقَمُ
لماذا نحنُ يا أبتي لماذا نحنُ أغرابُ؟
أبي قُلْ لي... بحقِ الله هل نأتي إلى يافا
فإنَّ خَيَالها المحبوب في عَينيَّ قدْ طافا
أندخُلُها أعزَّاءَ برغمِ الدَّهرِ أشرافا
أأدخلُ غُرفتي قل لي أأدخلها بأحلامي
وألقاها وتلقاني وتسمعُ وقعَ أقدامي
أأدخُلُها بهذا القلب هذا المُدنَفِ الظامي
أبي لو أنَّ لي كالطير أجنحةً لتحمِلني
لطرتُ بلهفةٍ رعناءَ من شوقٍ إلى وطني
ولكنّي منَ الأرض تظلُّ الأرض تجذِبُني
وترعَشُ دمعةٌ حَرَّى وتدفقُ خلفها دمعة
وتُرعِدُ صرخةُ ابنته وتطرقُ في الدُّجى سمعه
فيصرخُ
سوفَ نُرجِعُهُ
سنُرجِعُ ذلك الوطنا
فلن نرضى لهُ بدلاً ولن نرضى لهُ ثمنا
ولن يقتُلنا جوعٌ
ولن يُرهقنا فقرُ لنا أملٌ سيدفعُنا
إذا ما لوَّحَ الثأرُ
فصبراً.. يا ابنتي
صبراً
غداةَ غدٍ لنا النصر
سنُرجِعهُ
سنُرجِعُ ذلك الوطنا
فلن نرضى لهُ بدلاً ولن نرضى لهُ ثمنا
ولن يقتُلنا جوعٌ
ولن يُرهقنا فقرُ لنا أملٌ سيدفعُنا
إذا ما لوَّحَ الثأرُ
فصبراً.. يا ابنتي
صبراً
غداةَ غدٍ لنا النصر